مقالات-نفسية

الغلاء من زاوية نفسية .. كيف يمكن التغلب على عواقبه

الغلاء من زاوية نفسية – في ظل ازدياد  الإنفاق العام والاقتراض ليس في مصر وإنما في جميع أنحاء العالم خلال الوباء، وفي ظروف ما بعد الوباء، كوارث وحروب وأزمات، وحتى سوء إدارة.

 

ونتيجة لذلك كله، كانت النتيجة زيادات ضربية وتكاليف معيشة مرتفعة بشكل جنوني، في كثير من الأحيان يرفض ان يصدقها العقل، لكنها حدثت وتحدث دون امل في التوقف، وعلى الجانب الآخر تظل رواتب معظم الناس دون تغيير.

 

ومع استمرار ارتفاع تكلفة المعيشة، واستمرار هذه الموجة التى تنهش في الناس، تعم حالة التوتر والقلق بشكلها الوبائي، لتضرب نفوس الناس دون رحمة، ما جعل العبء عبئين، الاول الغلاء المفترس، والثاني سعىٌ دؤوب للحفاظ وكفاح مرير لان يحفط الإنسان عقله ويعيش بين الناس بنفسيةٍ على أسوء تقدير ليست معقدة.

 

ومع تزايد مخاوف قلة المال، وظهور مشاعر عدم اليقين في غدٍ أفضل، يمكن أن يبدأ الناس في الشعور بالاكتئاب والقلق بشأن وضعهم المالي، أو هكذا يحدث الآن!

 

لذلك من المهم العثور على المساعدة قبل أن يكون لها تأثير سلبي على الحياة اليومية، وهو الامر الذي اردت الحديث عنه في عنوان هذا الموضوع « الغلاء من زاوية نفسية »

 

تأثير الغلاء على الصحة النفسية والعقلية

من الوارد جدَا أن تؤثر اضطرابات الاكتئاب والقلق على أي شخص، ولكن بعض الضغوط المالية قد تزيد من تعرضنا لمشاكل الصحة العقلية، وإذا فكرنا في تكلفة المعيشة، يمكننا التفكير في عمل عالم النفس الأمريكي «ماسلو»، وتسلسله الهرمي للاحتياجات.

 

والسؤال الذي يخطر بالك حين تصل إلى هذه الفقرة من مقالى .. « إيه الارتباط بين الاثنين»؟ واسمح لي ان أجيبك وأوضح لحضرتك: لأن أزمة تكلفة المعيشة لها تأثير سلبي على قدرة عدد متزايد من الناس على تلبية الاحتياجات الإنسانية الأساسية.

بشكل اكثر تفصيلاً.. تستكشف نظرية ماسلو الراسخة، مدى صعوبة تحقيق النمو الشخصي (الشعور بالانتماء، واحترام الذات، وتحقيق الذات) إذا تعذر تلبية الاحتياجات الفسيولوجية والسلامة الأساسية.. «أظن كده وضحت»

 

«مزيد من التوضيح».. على سبيل المثال، القدرة على دفع ثمن الطعام أو الملابس أو التدفئة ومدفوعات الإيجار.. إلخ،  يمكن أن يكون لهذه العوامل تأثير على الصحة العقلية للأشخاص لأن الاحتياجات الفسيولوجية الأساسية واحتياجات السلامة معرضة بشكل غير متوقع للتهديد أو قد تستمر في التعرض للتهديد بسبب الضغوط المالية المتزايدة.. «أظن كده وصلت أوي».

 

فعندما لا يتم تلبية الاحتياجات الأساسية، تبدد الآمال ويبدأ الكثيرون في الشعور باليأس.. وفي النهاية، ضاع الدافع وهذا يؤدي للأسف إلى دوامة الاكتئاب، كما يتضح من “نظرية التحفيز البشري” الشهيرة لأبراهام ماسلو (1943) و “التسلسل الهرمي للاحتياجات”.

 

وعلى الرغم من أن المال لا يضمن دائمًا السعادة، إلا أنه بالتأكيد يمكن أن يساعد في تغطية احتياجاتنا الأساسية ويمكن أن يحفزنا على تحقيق المزيد لأنفسنا.

 

 

وبغض النظر عما إذا كانت لدينا مشكلة صحية عقلية شائعة، مثل الاكتئاب الخفيف إلى المتوسط ​​أو اضطراب القلق، فإن أزمة تكلفة المعيشة تخلق الكثير من عدم اليقين لدى الناس، ويمكن أن يتسبب القلق الشديد أيضًا في شعور الناس بالاكتئاب.

 

إدارة المشاعر السلبية بما في ذلك « غلاء المعيشة»

من الطبيعي أن نواجه العديد من المشاكلات من وقت لآخر، بغض النظر عن هويتك أو ما تفعله، المشاكل هي جانب من جوانب الحياة، فالمشكلة ليست بها مشكلة، إنها الطريقة التي نرد بها عندما نواجه مثل هذه المشاكل.

كيف تعرف أنك تعاني نفسيًا بسبب وضعك المالي؟

 

قد يشعر بعض الناس بالخجل أو الإحراج ويحاولون إخفاء المشاكل، وغالبًا ما يشير العار إلى أن الشخص قد فعل شيئًا خاطئًا أو غير لائق، والحقيقة هي أن غالبية الناس لم يفعلوا شيئًا خاطئًا أو غير لائق.. «ببساطه ظروفك مش عيب»

 

هناك العديد من الأسباب التي تجعلنا في خضم أزمة اقتصادية عالمية – تفشي وباء، بعده اندلاع حروب، تعطل إمدادات وقود وغذاء ليست سوى بعض الأسباب، لذلك يحتاج الناس إلى إعادة النظر في أي ذنب أو لوم قد يتعرضون له.. لماذا ينسبونه إلى أنفسهم.

 

إذا كان الناس يواجهون بالفعل صعوبة في التعامل مع حالة عدم اليقين، فإن أزمة تكلفة المعيشة تؤدي في الأساس إلى زيادة مستويات القلق لديهم بسبب سؤال يائس “ماذا لو”؟ إذا كان لدى شخص ما بالفعل نظرة سلبية جدًا عن نفسه أو عن الناس، فمن المحتمل أن يكون مزاجه سيئَا جدًا مع صعوبات تحفيزية وقد يفقد الدافع والشعور بالهدف، بل بالحياة كلها.

 

الغلاء من زاوية نفسية – تشمل الأعراض الرئيسية للاكتئاب الأفكار السلبية والانسحاب في بعض الأحيان من الحياة، سيجد الناس صعوبة في النهوض من الفراش أو قد يجدون أنفسهم يكافحون للعثور على الدافع للقيام بالأعمال العادية أو الأعمال المنزلية أو العمل أو ممارسة الهوايات.

 

أضف إلى ذلك أزمة تكلفة المعيشة، ويمكن أن تؤدي إلى الشعور باليأس – وتتوالى الجمل التي أسميها «الإنهزامية»، إن الأمور لن تتحسن أبدًا.. الأمور صعبة للغاية..سوء الحظ – هذه الجمل وما تشكله من حالة نفسية عامة، لديها القدرة على دفع بعض الناس إلى سلوك إيذاء النفس أو الأفكار الانتحارية.. «أيوه انتحارية ومتستغربش»

 

نصائح عملية لتحسين الصحة النفسية في أزمة غلاء المعيشة

 

في حين أن ارتفاع تكلفة المعيشة والغلاء قد لا يكون ظرفَا مثاليًا، فلم يختر أحد منا عن قصد أن يكافح ويسعى بجهد مضاعف، لابد أن تؤمن أولاَ .. العديد من العوامل خارجية وليست تحت سيطرتنا.

 

يمكن التعامل مع مشاعر الحرج من خلال تحدي سبب شعورك بهذه الطريقة.

ربما اتخذ الناس قرارات سابقة لم تكن حكيمة، و في حين أن التفكير أمر صحي، فإن التفكير المفرط في “لماذا فعلت ذلك” لا يغير شيئًا وغالبًا ما يبقينا في دائرة من التدمير الذاتي.. فلا ترهق نفسك في فكرة «لماذا فعلت».

 

في بعض الأحيان، من الجدير الاعتراف بأن الوضع ليس مثاليًا وخارج عن سيطرتنا.. ستساعد هذه الخطوة شخصًا ما على التحقق من الصعوبات التي يواجهها.

 

قد تشمل الخطوات الأولى التي يمكننا اتخاذها للتخفيف من هذه النظرة الصارخة استكشاف المعاني التي وضعها الشخص على نفسه عندما يجد صعوبة في التأقلم.

 

للتوضيح .. تخيل أن والدًا غير قادر على شراء ما يكفي من الطعام لأسرته، هل من الممكن أن يكون لديهم معتقدات وافتراضات حول كونهم عديمي الجدوى، أو فاشلين، أو أن والدهم سيئًا؟ المفترض ..لا

 

لكن هناك عدد من الأفكار التي تؤدي إلى هذا والتي يمكن أن تسبب بسهولة مجموعة من المشاعر السلبية مما يؤدي إلى تدني الحالة المزاجية والقلق والاكتئاب.

 

كيف نشجع الناس على التعبير وطلب المساعدة إذا لزم الأمر؟

أولاً، نحتاج إلى التطبيع مع أن هذه مشكلة منتشرة وليست انعكاسًا لأنفسهم، او بسببهم .. وعلى الرغم من كيفية تصوير وسائل الإعلام للحياة الحديثة من خلال الإعلانات التلفزيونية والتدفق المستمر لرسائل نمط الحياة على وسائل التواصل الاجتماعي، فمن الطبيعي أن يواجه الناس مشاكل من وقت لآخر، مثل السخط والاحساس بالعجز وغيره.

 

لكن لابد من التواصل مع الأصدقاء وفي محيط العائلة أو أرباب العمل، للتحدث عن الأشياء أو طلب المساعدة إذا لزم الأمر، فإذا كان شخص ما مترددًا في مناقشة الصعوبات التي يواجهها ، فقد يكون هناك من يهتم لامره ويمكن أن يساعده.. حاول التفكير في الفرص التي قد تكون موجودة، بدلاً من التركيز على النتائج السلبية وعوائق التقدم.

 

تصرف الآن – لا تنتظر أن يأتي الحافز إليك

الغلاء من زاوية نفسية – في بعض الأحيان، قد نشعر بالإرهاق ولا نعرف من أين نبدأ.. هناك فكرة خاطئة مفادها أن الدافع سيأتي وبعد ذلك سنتصرف، ومع ذلك، أود أن أشجع الناس على التصرف أولاً، ثم رؤية تأثير ذلك على دوافعنا.

 

قد تكون هناك مهام  تحتاج إلى القيام بها، مثل سداد دين، أو الكهرباء ، أو التخطيط لميزانية،  حدد أولويات المهام التي قد تكون أكثر أهمية أثقل عبئًا ثم قم بجدولتها، ينطبق نفس المبدأ على الأنشطة الأخرى للرفاهية، مثل الانخراط في نشاط أو هواية قد تستمتع بها.

 

لماذا نحتاج ان نفعل هذا؟ ببساطة، إذا كان القيام بالأشياء عندما نشعر بالتحفيز أو في الحالة المزاجية يناسبك، فاستمر، ومع ذلك، إذا وجدت أنه لا يتم إنجاز المهام المهمة وفقدت الاهتمام والتحفيز، فلماذا ترغب في الاستمرار في استخدام إستراتيجية تعرف أنها لا تعمل أو تعطي نتائج موثوقة. الخيار هو الاستمرار في القيام بشيء تعرف أنه لا يعمل أو اختيار القيام بشيء مختلف قليلاً قد ينجح.

للتلخيص ، حدد ما يجب القيام به، وخطط له وجدوله حسب ظروفك، ثم حاول الالتزام بالخطة على الرغم من أنك قد لا تشعر بالرغبة في ذلك، إذا كان الأمر مهمًا لك أو لموقفك ، فعليك التصرف بناءً عليه ، ولا تنتظر الدافع الذي قد لا يأتي أبدًا.

بقلم: منى شطا 
mnashata@zawianafsia.com
ويسعدنا متابعتكم واستقبال استفسارتكم واستشاراتكم على وسائل التواصل الخاصة بنا .. يمكنكم التواصل معنا عبر الواتساب الفيس بوك انستجرامتويترلينكدان – ومتابعة محتوانا على قناة اليوتيوب.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
Scan the code