يقترب موعد الامتحانات، تضع له الكتب على الطاولة،
لكنه يتنهد بضجر وكأنها أثقل ما في الدنيا.
تطلب منه أن يبدأ بالمذاكرة، فيجيبك ببرود: “مش قادر دلوقتي.”
تمر الساعات… الهاتف في يده، التلفاز مفتوح، والكتب ما زالت كما هي.
هذا المشهد يتكرر في بيوت كثيرة، ومعظم الأهل يشعرون بالحيرة:
هل المشكلة في الكسل؟ في ضعف التركيز؟ أم فينا نحن كآباء؟
الحقيقة أن كراهية الدراسة عند المراهق
ليست تمردًا على التعليم بقدر ما هي صرخة غير معلنة من الداخل،
تقول: “أنا مضغوط… فاقد الدافع… مش فاهم ليه أتعلم.”
لماذا يكره بعض المراهقين الدراسة؟
في علم النفس، لا يوجد كسل بدون سبب،
بل توجد طاقة نفسية موجهة في الاتجاه الخطأ.
إليك أبرز الأسباب التي تجعل ابنك ينفر من المذاكرة:
1. الضغط الزائد والخوف من الفشل
حين تتحول الدراسة إلى مصدر قلق، يفقد المراهق قدرته على التركيز.
الخوف المستمر من الرسوب أو التوبيخ يخلق دائرة مغلقة من التوتر والعجز.
🧠 محتاج جلسة نفسية أو استشارة متخصصة؟
احجز جلستك الآن مع أخصائيين موقع زاوية نفسية
تواصل معنا مباشرة على واتساب 👇
2. ضعف الدافع الداخلي
المراهق لا يتعلم لمجرد “النجاح”، بل يحتاج أن يفهم لماذا.
عندما يشعر أن ما يدرسه لا يرتبط بحياته الواقعية،
يبدأ الانفصال العاطفي عن التعلم.
3. المقارنة المستمرة بالآخرين
“شوف ابن عمك بيذاكر إزاي!” — هذه الجملة كفيلة بأن تُطفئ أي رغبة.
المقارنة لا تحفز، بل تزرع الإحباط والدونية.
4. أسلوب الدراسة الخاطئ
بعض المراهقين بصريون، آخرون سمعيون أو حركيون.
عندما يُجبر الطالب على طريقة لا تناسب نمطه المعرفي، يشعر بالملل.
5. العلاقات الأسرية المتوترة
العقل لا يتعلم في بيئة غير آمنة.
عندما يسود البيت التوتر، يفقد المراهق قدرته على التركيز والدافعية.
6. نقص التقدير الذاتي
الطالب الذي يعتقد أنه “مش شاطر” سيتصرف على هذا الأساس.
الفشل المتكرر بلا دعم نفسي يولد مقاومة خفية للتعلم.
الأسباب النفسية العميقة وراء نفور المراهق من الدراسة
خلف المظاهر السطحية، هناك جذور أعمق تحتاج فهمًا:
- فقدان المعنى: يشعر أن الجهد بلا قيمة حقيقية.
- غياب الهوية: لا يعرف ما يريد في المستقبل.
- الملل المزمن: الروتين الدراسي الخالي من الإبداع يقتل الحماس.
- الخوف من الإخفاق: كل تجربة فشل تُغلق باب المحاولة التالية.
- اضطرابات التركيز أو القلق الاجتماعي: قد تمنعه نفسيًا من الأداء الجيد.
كيف أتعامل مع ابني المراهق الذي لا يحب الدراسة؟
1. افصل بين السلوك والشخص
قل له: “أنا عارف إنك مش حابب المذاكرة دلوقتي، بس ده ما يعنيش إنك فاشل.”
احترم مشاعره أولًا، ثم ناقش السلوك بهدوء.
الرفض شيء طبيعي، لكن المهم أن نتعلم منه.
2. افهم السبب قبل اللوم
بدلًا من “ليه مش بتذاكر؟”، اسأله “إيه اللي بيخليك مش قادر تذاكر؟”.
الفرق بسيط في الشكل، لكنه كبير في الأثر.
السؤال الأول اتهام، والثاني احتواء.
📰 موضوعات تهمك
«التخلّص من الاكتئاب»… دليل شامل لاستعادة توازنك النفسي من جديد
3. شاركه في وضع خطة
اجلس معه وحددوا معًا أوقات الدراسة والراحة.
عندما يشارك في اتخاذ القرار، يشعر بالمسؤولية لا بالضغط.
4. اجعل المذاكرة تجربة إيجابية
استخدم تقنيات بسيطة: تقسيم المهام، مكافأة صغيرة بعد الإنجاز،
تغيير مكان الدراسة، أو تشغيل موسيقى هادئة تساعده على التركيز.
5. امدحه على المحاولة لا على النتيجة
قل له: “عجبني إنك بدأت حتى لو كنت مش في مزاج.”
التركيز على الجهد لا العلامة يُعلّمه الصبر والإصرار.
6. كن قدوة هادئة
إذا كنت تشتكي من عملك طوال الوقت،
كيف تتوقع أن يحب ابنك الدراسة؟
أظهر له أنك أيضًا تتعلم كل يوم، وأن الجهد طريق للنجاح.
كيف تساعده على استعادة الدافع الداخلي؟
- اربط ما يدرسه بحياته الواقعية: “الفيزياء اللي بتذاكرها دي هي اللي بتخلي الطيارة تطير.”
- اسمح له باختيار تخصص أو هواية يحبها.
- شجعه على وضع أهداف صغيرة واقعية.
- اكشف له أن التعلم رحلة لا عقوبة.
أخطاء الأهل الشائعة عند التعامل مع المراهق الرافض للدراسة
- التهديد بالعقاب أو الحرمان.
- الصراخ أثناء المذاكرة.
- المقارنة بأصدقاء ناجحين.
- تحميله مسؤولية مستقبل العائلة بالكامل.
- التركيز على الدرجات بدل الفهم.
كل هذه الأساليب تخلق مقاومة داخلية بدل الحافز.
متى يحتاج المراهق إلى دعم نفسي متخصص؟
إذا لاحظت أن ابنك يعاني من:
- اكتئاب أو قلق دائم من المدرسة.
- رفض تام للمذاكرة رغم المحاولات المتكررة.
- مشكلات في التركيز أو ضعف في الذاكرة.
- تغيرات مفاجئة في المزاج أو النوم أو الشهية.
فهنا يُنصح بعرضه على أخصائي نفسي تربوي،
لأن المشكلة قد تكون أعمق من مجرد “ملل دراسي”.
خلاصة وتأمل نفسي
المراهق الذي لا يحب الدراسة لا يحتاج من يقمعه،
بل من يفهم ألمه النفسي ويعيد اكتشاف شغفه.
التعلم الحقيقي يبدأ من الإحساس بالحرية لا الخوف،
ومن الفهم لا الحفظ.
عندما يشعر ابنك أنك تؤمن بقدرته حتى وهو متعب،
سيبدأ هو أيضًا بالإيمان بنفسه.
💭 تأمل ختامي: أحيانًا يحتاج ابنك إلى من يقول له:
“أنا عارف إنك مش فاهم نفسك دلوقتي، بس أنا مصدق إنك هتقدر.”
:
🧠 زاوية نفسية — نساعدك تشوف حياتك من زاوية أهدأ وأعمق.
تابع أحدث المقالات النفسية والنصائح الحياتية على موقعنا دائمًا 💙
🧠 محتاج جلسة نفسية أو استشارة متخصصة؟
احجز جلستك الآن مع أخصائيين موقع زاوية نفسية
تواصل معنا مباشرة على واتساب 👇