الطموح الزائد: دافع نحو النجاح أم إدمان خفيّ يدمّر التوازن النفسي؟
في عالمٍ يُمجّد الإنجاز، ويقيس القيمة بعدد الأهداف المحققة،
تحوّل الطموح الزائد من فضيلة إلى عبءٍ صامت ينهش راحة النفس.
لم يعد النجاح مجرد رحلة، بل سباق لا يتوقف،
ولا يُكافَأ فيه من يصل، بل من يركض أكثر.
لكن، هل الطموح الزائد دافع نحو النجاح حقًا؟
أم أنه شكلٌ جديد من الإدمان المقنّع، يدمّر التوازن النفسي من حيث لا ندري؟
الطموح… بين النور والظل
الطموح في جوهره طاقة جميلة،
هو الشغف الذي يدفعنا للإنجاز، والتطور، والنمو.
لكن حين يتحوّل إلى هوس بالإنجاز،
يفقد معناه الإيجابي ويصبح مثل النار التي تُدفئ وتُحرق في الوقت نفسه.
فما الفرق بين الطموح الصحي والطموح المفرط؟
- الطموح الصحي: يسعى للنجاح دون أن يفقد صاحبه سلامه الداخلي.
- الطموح الزائد: يسعى للنجاح حتى لو خسر نفسه في الطريق.
الطموح كالنار: إذا لم تتحكم بها، احترقت بها.
🧠 محتاج جلسة نفسية أو استشارة متخصصة؟
احجز جلستك الآن مع أخصائيين موقع زاوية نفسية
💬 تواصل على واتساب
تواصل معنا مباشرة على واتساب 👇
الطموح الزائد من منظور نفسي
في علم النفس، يُصنّف الطموح الزائد أحيانًا ضمن أنماط “السلوك الإدماني” غير المرتبطة بالمخدرات أو الكحول.
لأنه يقوم على المبدأ نفسه: الحاجة المستمرة للإنجاز للحصول على شعور مؤقت بالرضا.
وحين يتوقف الإنجاز، تظهر أعراض القلق والذنب والفراغ.
يشبه الأمر تمامًا من يطارد “الجرعة التالية من الشعور بالكفاءة”.
فلا يعود الإنجاز غاية، بل وسيلة للهروب من شعورٍ أعمق: الخوف من عدم الكفاية.
الطموح الزائد لا يولد دائمًا من الحلم…
بل أحيانًا من الخوف.
من أين يأتي الطموح الزائد؟
وراء كل طموح مفرط قصة قديمة:
طفلٌ أراد أن يُرى، أن يُحب، أن يُقال له “أحسنت”.
لكن لم يُكافَأ إلا حين أنجز،
فتعلم أن الحب مشروط بالأداء،
والقيمة لا تُمنح إلا مقابل النجاح.
وحين كبر، لم يعد يعرف كيف يستريح،
لأن الراحة بالنسبة له تعني “التوقف عن الاستحقاق”.
- قد ينشأ من تربية صارمة تربط بين التفوق والقبول.
- أو من بيئة منافسة لا تحتمل الخطأ.
- أو من شعور داخلي دائم بالنقص والخوف من الفشل.
كيف يظهر الطموح الزائد في السلوك اليومي؟
- الشعور الدائم بالذنب عند الراحة.
- الخوف من التراجع أو “إضاعة الوقت”.
- العمل المفرط حتى على حساب النوم والعلاقات.
- عدم القدرة على الاحتفال بالنجاح – لأن الهدف التالي ينتظر.
- رؤية الحياة كقائمة مهام لا تنتهي.
يعيش الشخص الطموح بإفراط داخل ذهنية السباق:
كل ما يفعله يقيسه على مقياس “هل هذا مفيد؟ هل هذا يُنتج؟”.
حتى الراحة تصبح مشروعًا جديدًا يجب أن “ينجح” فيه.
حين يتحول السعي إلى وسيلة للهروب من السكون،
تتحول الحياة إلى ماراثون بلا خط نهاية.
الجانب الخفيّ: الطموح كآلية دفاع
يُفسر التحليل النفسي الطموح الزائد أحيانًا كآلية دفاعية تُخفي خوفًا عميقًا من “العدم”.
النجاح المستمر يُبقي الإنسان منشغلًا، فلا يضطر لمواجهة صمته الداخلي أو أسئلته المؤجلة.
كل إنجاز جديد يصبح جدارًا ضد الإحساس بالفراغ.
لكن مع الوقت، يُصبح هذا الجدار سجنًا.
فالنجاحات لا تشبع، والراحة تُخيف،
والحياة تُقاس بما “أنجز” لا بما “عاش”.
📰 موضوعات تهمك
دواء لعلاج التوتر: هل الحل في الحبوب أم في فهم الجذر النفسي
نظريات الشخصية في علم النفس: كيف تشكّلت ملامحنا النفسية عبر الزمن؟علامات تشير إلى أن طموحك أصبح مفرطًا
- تشعر بالذنب عندما تقضي يومًا دون إنجاز.
- تجد صعوبة في الاستمتاع باللحظة دون التفكير في الهدف التالي.
- تربط قيمتك الذاتية بعملك فقط.
- تُرهق نفسك رغم شعورك بالتعب لأن “التوقف” يسبب لك قلقًا.
- تُقارن نفسك بالآخرين باستمرار.
إذا وجدت نفسك في بعض هذه النقاط،
فربما آن الأوان لتسأل نفسك:
هل أعمل بدافع الحب أم بدافع الخوف؟
النجاح لا يجب أن يكون هروبًا من الذات،
بل عودة إليها.
كيف تعيد التوازن بين الطموح والصحة النفسية؟
1. توقف لتسأل “لماذا”
قبل أن تضع هدفًا جديدًا، اسأل نفسك:
هل أريده فعلًا؟ أم أريده لأثبت أنني أستحق؟
النية الصادقة تكشف الدافع الحقيقي،
وتعيدك إلى جوهر الطموح النقي: النمو لا التبرير.
2. اسمح لنفسك بالراحة دون شعور بالذنب
الراحة ليست كسلًا، بل تجديد للطاقة.
العقل المرهق لا يُبدع، والقلب المنهك لا يفرح.
خذ فترات توقف بوعي، وتذكّر أن “لا شيء” أحيانًا هو أهم شيء.
3. احتفل بالإنجاز بدلًا من تجاوزه
كل خطوة تستحق الامتنان.
توقف قليلًا عند كل نجاح، صغيرًا كان أو كبيرًا،
لتتذوق طعمه بدلًا من الركض بعد “النجاح القادم”.
4. أعِد تعريف النجاح
النجاح الحقيقي ليس أن تحقق كل شيء،
بل أن تشعر بالرضا أثناء الطريق.
أن تكون حاضرًا في سعيك، لا هاربًا منه.
النجاح الذي يُطفئ نورك الداخلي ليس نجاحًا، بل هزيمة متقنة المظهر.
من زاوية نفسية
نحن لا نُشفى من الطموح،
لكننا نتعلم أن نحبه باعتدال.
أن نعمل بشغف دون أن نُعاقب أنفسنا بالإنجاز المستمر.
أن نفهم أن القيمة الذاتية لا تُكتسب، بل تُولد فينا.
وأن أكثر الناس نجاحًا هم أولئك الذين تعلّموا أن يتوقفوا حين يحين الوقت.
الطموح الزائد لا يقتلنا بالضجيج…
بل بصمت اللحظة التي لا نعرف فيها كيف نرتاح.
خلاصة ملهمة
الطموح الزائد قد يبدو نجاحًا من الخارج،
لكنه أحيانًا صرخة داخلية تقول: “أريد أن أرتاح.”
النجاح الحقيقي ليس أن تصل أولًا،
بل أن تصل سليمًا… دون أن تفقد نفسك في الطريق.
شاركنا رأيك في التعليقات:
هل شعرت يومًا أن طموحك أتعبك أكثر مما أسعدك؟
وكيف تحافظ على توازنك بين السعي والراحة؟
🧠 زاوية نفسية — نساعدك تشوف حياتك من زاوية أهدأ وأعمق.
تابع أحدث المقالات النفسية والنصائح الحياتية على موقعنا دائمًا 💙
🧠 محتاج جلسة نفسية أو استشارة متخصصة؟
احجز جلستك الآن مع أخصائيين موقع زاوية نفسية
تواصل معنا مباشرة على واتساب 👇